5 طرق بسيطة للتخلّص من أية عادة سيئة… بما فيها التأجيل!

أن تكون رهينة عادة سيئة معيّنة، هو أشبه بالإحتجاز بسجن أبوابه مفتوحة من دون معرفة طريق الخروج. في الواقع الطريق سهل جداً، إن كنت فعلاً تريد الخروج من دون عودة.
نحن سنساعدك في أن تنفصل عن أية عادة سيئة تزعجك وتبغى التخلّص منها في أسرع وقت. الأمر على قدر ما هو سهل، على قدر ما يتطلّب تركيز وإرادة. الهدف هو ليس التغاضي عن هذه العادة لأيام وجيزة فحسب، بل توديعها نهائياً، وهذا ما هو الأصعب في المهمة. لا بل حتى المطلوب منك هو أن تستبدلها لعادة حسنة، لتحصل على لايف ستايل صحي، نفسياً وجسدياً.
في هذا المقال ستجد أسئلة، أنت حتماً تطرحها على نفسك وتدور بذهنك كل يوم. سنجيبك عنها بكل شفافية ووضوح لكي نصل سوياً إلى الهدف المطلوب. ضع يدك بيدنا وقل وداعاً للعادة التي تشعرك بالإستياء.
1. كيف أعلم أن هذه العادة سيئة فعلاً؟

علمياً، توصيف العادة السيئة هو أنها كل ممارسة أو تصرّف تؤثر سلباً على صحّتك الذهنية والجسدية. كذلك العادة السيئة يتذمّر منها الأشخاص من حولك. يدخل ضمن هذه الخانة مثلاً:
- التأجيل والتماطل في إنجاز المهمات
- العيش في الفوضى
- تدخين السيجارة أو النرجيلة بكثرة
- الإدمان على مشروبات الكحول
- قضم الأظافر أو عض الشفاه
- تناول المأكولات السريعة
- الإدمان على تصفّح مواقع التواصل الإجتماعي
- الكذب بشكل دائم
هذه عيّنة عن العادات السيئة المعروفة والواضحة. لكن لا بدّ من الإشارة إلى أن بعض التصرفات قد تؤثر سلباً علينا، من دون الضرورة أن تكون هي نفسها عادة سيئة معروفة. نحن نقصد مثلاً، مسامحة شخص يقترف دائماً ذنب بحققك! المسامحة هي ليست عادة سيئة، لكن في هذه الحالة تصبح كذلك.
2. كيف تبدأ العادة السيئة؟

السلوكيات السيئة تبدأ عادةً على شكل آلية للتكيّف والتخفيف من التوتر. الشخص يجد في هذه العادة منفعة نفسية ومنطقة راحة وآمان. على سبيل المثال، تشعر بغضب شديد وقلق، تبحث عن طريقة لتفريغ غضبك، تلجأ إلى السجائر، تشعر بالرضى والتحسّن. تجد أن هذه الوسيلة هي فعّالة في التخفيف من حدّة مشاعرك. مع مرور الوقت، ستجد نفسك أمام مبررات تحت مقولة: “مرّة واحدة لن تحدث فرق”. هكذا يصبح تدخين السجائر عادة متكررة وتدخل في دوامة من الصعب الخروج منها!
الجدير ذكره أيضاً، أنه كلما أدركت أنه عليك التخلّص من العادة بوقت سريع، كلّما وصلت إلى هدفك بشكل أسرع وفعّال أكثر.
3. ما الذي يسبب العادة السيئة؟

- كما ذكرنا أعلاه، واحد من أهم المحفزات التي تدفعنا للوقوع ضحية عادة سيئة هي التوتر والإكتئاب.
- كذلك، الملل والشعور بالفراغ يسبب الإنجرار وراء عادات وسلوكيات سلبية على الذهن والعقل.
- أخيراً، المحيط الإجتماعي ودائرة أصدقائك تدفعك أحياناً إلى اقتراف أخطاء تصبح عادات بعد تكرارها، مثل التدخين والإدمان على شرب الكحول.
4. هل العادة السيئة معدية؟

كون المحيط الإجتماعي هو واحد من المسببات الرئيسية للعادة السيئة، إذاً طبعاً هي معدية. لكن لا شكّ أن العدوى ترتكز على عاملين. الأوّل هو نوع العادة السيئة والثاني هي شخصية الفرد الذي من المحتمل أن تنتقل إليه العدوى. هذا يعني أن عادة التدخين قد تنتقل من فرد إلى آخر. أما عادة الكذب فمن الصعب أن تنتقل لأنها أدقّ بكثير. عدا عن ذلك، إن الشخص الذكي وصاحب القناعة والشخصية القوية، من الصعب أن يتأثر بمثل هذه العادات.
5. على ماذا تؤثر العادة السيئة؟

على المدى البعيد، للعادات السيئة آثار سلبية كثيرة، كل واحدة حسب نوعيتها وحدّتها. على سبيل المثال قد تواجه:
- افتقاد الثقة بالنفس
- تراكم في الأشغال والمهمات اليومية
- الشعور بالفشل والإحباط
- المعاناة من الإكتئاب والوحدة
- التراجع في الحياة المهنية
- زيادة الوزن
- مواجهة مشاكل القلب والرئة
- الشعور بالتعب والإرهاق
6. كيف يمكن التخلّص من العادة السيئة؟
الإعتراف هو أساس العلاج

الأمر الإيجابي عزيزي، هو أنه بمجرّد أنّك مدرك أن العادة التي تقوم بها سيئة وتؤثر سلباً عليك، إذاً أنت على المسار الصحيح. هذا الإعتراف باقتراف الخطأ يمهّد الطريق للعلاج. فبحسب علم النفس، الشخص المريض نفسياً يبدأ فعلياً مسار العلاج، لحظة التي يعترف ويدرك بها أنه يعاني من مشكلة ما.
العقل ومن ثم الجسد

لا بدّ من أن تعلم أيضاً أن الجسم لوحده ليس لديه القدرة على التخلّص من العادات السيئة. يقول الباحث والمعالج النفسي وعالم الأعصابJudson Brewer أنه في هذه الحالة عليك تدريب عقلك لأن يقنع جسمك بالتوقّف عن اقتراف عادة معيّنة. بمعنى آخر، للإقلاع عن التدخين، لا يجب أن تلجأ إلى وسيلة فيها بديل للنيكوتين، بل يجب أن تقنع نفسك بأن التدخين مضرّ وأن جسمك ليس بحاجة للبديل ولا لغيره! عندما تصل الرسالة إلى عقلك بأن ما تقوم به هو خطأ، فوراً جسمك سيتحرّك في نفس الإتجاه.
في نفس السياق، سنقدّم لك حيلة بسيطة تساعدك في تدريب العقل، وهي تدوين رسائل تشجيعية لتحفّز دماغك بصرياً على ردع الإغراء والإمتناع عن التفكير في أية عادة سيئة. اكتب رسائل صغيرة لنفسك على الهاتف، اللوح أو على الورق وضعها في كل مكان. استخدم عبارات مثل: لا تنجرّ وراء العادات السيئة – قل لا مهما كلّفك الأمر – أنت قادر على القيام بذلك”.
عبارة “لن أفعل” تسهّل المهمة

بحسب دراسات علمية كثيرة أجريت، الخطوة الأولى والأساسية للتخلّي عن أي سلوك مضرّ، هو استخدام تعبير “لن أفعل” بدل من “لا أستطيع”. مثلاً قل: “أنا لن أتناول الوجبات السريعة”، بدل من أن تقول: “أنا لا أستطيع التوقّف عن تناول المأكولات السريعة”. بهذه الطريقة، توصل رسالة لعقلك بأن هذا السلوك متعلّق بإرادتك وأنّك قادر على التغلّب عليها في حال أردت ذلك وفي الوقت الذي تريد، ولا العكس!
هذه الخطوة لها تأثير كبير على المدى البعيد، فإحدى الدراسات التي أجريت في هذا السياق على الطلاق، برهنت أن 8 من 10 من الذين استخدموا عبارة “أن لا أريد تناول الشوكولا”، تمكّنوا من الصمود 10 أيام من دونها. أما بالنسبة للطلاب الذين جاوبوا على السؤال، بتعبير أنا لا أستطيع التوقّف عن تناول الشوكولا، فقط 1 من أصل 10 منهم صمد حتى مرور 10 أيام!
بعد أن قدّمنا لك بعض النصائح التمهيدية لكسر الترابط بينك وبين العادة السيئة، حان الوقت لأن نعرّفك على 5 طرق بسيطة للتخلّص من العادات المزعجة، بما فيها التأجيل.
طرق بسيطة للتخلّص من أية عادة سيئة… بما فيها التأجيل!
1. اخلق صعوبة تعيقك القيام بالعادة

يجب أن تعلم بأن كل عادة سيئة تقوم بها، لها محفّزات تدفعك لإقترافها. بمعنى آخر، تخيّل العادة كقصة لها عواملها من مكان، زمان، أشخاص وهدف. مهمّتك هي أن تقمع هذه المحفزات التي تقودك لأن تفعل ما لا تريده. ببساطة أكثر، إن كنت شخص يعاني من مشكلة التأجيل الدائم، اسأل نفسك ما الذي يدفعك لأن تؤجل مهامك. هل هو مثلاً النوم لساعات متأخرة؟ أم تفضيل قضاء وقت مع الأصدقاء؟ أو ربما التلهّي على التلفاز هو الذي يجعلك تؤجل عملك؟ عندما تجد الجواب، تكون قد وجدت المحفّز لهذه العادة، الذي بدورك يجب أن تحاربه. كيف؟ استيقظ باكراً ولا تدع النوم يتغلّب عليك، أم قل لأصدقائك بأنّك لن تخرج من المنزل قبل أن تنجز مهامك.
كذلك، وكما ذكرنا أعلاه عليك أن تخلق صعوبة تعيقك القيام بالعادة السيئة. على سبيل المثال، لمعالجة مشكلة التأجيل ضع Deadlines أو حدّ أقصى لتسليم عملك، على أن تكون المهلة قصيرة ولا تحتمل التأجيل. إذا كنت مدمن على تصفّح مواقع التواصل الإجتماعي، إذاً عليك ترك الموبايل من دون شحن. أما إذا كنت مدمن على تناول الوجبات السريعة خارج المنزل، حاول أن تخرج من دون وضع المال بجيبك! في حال كنت تعاني من احتساء القهوة عدّة مرات في اليوم، حاول أن تحدّ من كمية البن التي تشتريها.
بهذه الطريقة عزيزي تخلق عوائق أمام العادة التي قد تتغلّب عليك، لتصبح أنت الرابح أمامها ولا العكس.
2. ابق مشغولاً قدر المستطاع

من بين الطرق البسيطة أيضاً التي تساعد في التخلّص من أية عادة سيئة، هي أن تحاول البقاء مشغولاً قدر المستطاع كي تلهي نفسك عن القيام بالسلوك غير المحبّز. لماذا هذه الطريقة تعتبر فعّالة؟ لأن وكما ذكرنا أعلاه، الملل والمعاناة من الفراغ والوقت الطويل، كلّها مسببات تدفعك لأن تقوم بالعادة السيئة.
على سبيل المثال، أنت معتاد على تدخين النرجيلة يومياً حوالي الساعة الرابعة بعد الظهر، عليك في هذا الوقت بالذات أن تلهي نفسك. لمَ لا تقوم بنزهة في الخارج، أو يمكنك أن تختار فيلم وتشاهده على نتفلكس، أم مثلاً قم ببعض الأعمال المنزلية المتراكمة عليك! من بين العادات السيئة أيضاً قضم الأظافر. في حال كنت تعاني منها، ربما خلال مشاهدة التلفاز، عليك أن تشغل يديك كي لا تقوم بقضم الأظافر. مثلاً احمل قلماً أو اجلب بعض المكسرات النيئة وتناولها. أما إذا كنت من المدمنين على تصفّح مواقع التواصل الإجتماعي، اشغل نفسك وقت الفراغ، مارس هواية ما، تصفّح الجرائد، قم بالشوبينغ أو أي شيء يلهيك عن السوشيل ميديا.
3. ابحث عن بديل أفضل للعادة السيئة

كل عادة نقوم بها خلال اليوم، حتى ولو كانت سيئة، هي تحمل بطريقة غير مباشرة فائدة على الصعيد النفسي ولا الجسدي طبعاً. مثلاً التدخين هو وسيلة للحدّ من الملل، تناول الوجبات السريعة هو وسيلة للشعور بالامتنان ولذة الطعام، أما مثلاً قضم الأظافر فهو وسيلة للتخفيف من التوتر. اما الإدمان على مواقع التواصل الإجتماعي، هو وسيلة غير مباشرة للحدّ من الشعور بالوحدة والإتصال بالآخرين. كلّها كما ترى لها فائدة عليك ولو لم تكن مباشرة. لذلك، فإن مفهوم إلغاء أية عادة سيئة هو أمر غير موجود فعلياً من الناحية العلمية. الحلّ هو في استبدال هذه العادة بالبديل الأفضل.
كيف يمكنك القيام بذلك؟ ما عليك سوا البحث عن النقيض الإيجابي للسلوك السلبي الذي تقوم به. سوف نساعدك قليلاً من خلال بعض الأمثلة:
- استبدل تناول الوجبات السريعة بإستهلاك الخضار أو المأكولات الصحية.
- استبدل التدخين بممارسة الرياضة أو هواية تفضّلها.
- استبدل شرب الكحول بالعصائر الطبيعية.
- استبدل قضم الأظافر بترتيب الأظافر، وإن كنتِ فتاة ضعي الطلاء.
- استبدل الإدمان على مواقع التواصل الإجتماعي بقراءة الكتب.
- استبدل التأجيل بتحدّي إنجاز المهمات في وقت قصير.
- استبدل الكذب المستمر بقول الحقيقة من دون خوف أو تردد.
- استبدل المسامحة من دون مبرر، بوضع حدود لمن يقترف الأخطاء دائماً بحقك.
4. استعن بخطّة “لو – إذاً” المعروفة

سنعرّفك الآن على الخطّة أو الإستراتيجية المعروفة بإسم “لو – إذاً”. إنها معتمدة من قبل العلماء والباحثين منذ عام 1999 وقد أطلقها لأوّل مرة البروفيسور في علم النفس Peter Gollwitzer. في الواقع هذه الإستراتيجية هي خطوة تكميلية لضرورة البحث عن بديل أفضل للعادة السيئة، لأنها تعلّمك كيفية تطبيق واستخدام هذا البديل فعلياً على أرض الواقع والتمسّك به.
هذه الاستراتيجية ترتكز على 3 خطوات أساسية، هي أشبه بخطّة عمل يجب أن تؤامن بها وتعمل وفقها.
الخطوة الأولى: تحديد السيناريو
حدّد السيناريو الذي ترتكز عليه العادة السيئة التي تقوم بها. مثلاً: كل ليلة خلال وقت العشاء تقوم شقيقتك بتشجيعك على طلب الوجبات السريعة إلى المنزل. هكذا تقوم قد حدّدت عوامل القصّة، كما ذكرنا أعلاه من مكان، زمان، أشخاص وهدف.
الخطوة الثانية: استعن بالبديل الأفضل
هنا يجب أن تستعن بالبديل الأفضل للعادة السيئة التي تقوم بها، والذي سبق وأن بحثت عنه سابقاً. لنكمل مع نفس المثل: البديل الأفضل لتناول الوجبات السريعة، تناول الخضار مثلاً.
الخطوة الثالثة: صياغة السيناريو مع بديل أفضل
عند هذه النقطة بالذات عليك صياغة السيناريو الذي يشغّل العادة السيئة، مع البديل الإيجابي. هذا ما ترتكز عليه استراتيجية أو خطّة “لو – إذاً” الشهيرة. بكل بساطة، اجمع الخطوة الأولى مع الخطة الثانية، أي اقنع عقلك بأنّه عليه ردع الإغراء وقل: “لو أتت شقيقتي مساءً لتشجيعي على تناول الوجبات السريعة على وجبة العشاء، إذاً سأجيب بأنني أريد تناول الخضراوات”.
كما ترى هذه النقطة هي أساسية جداً في محاربة العادات السيئة، لأنها تجمع كل العوامل الصحيحة من إقناع العقل، إلى مواجهة الإغراء، استخدام البديل، تشغيل الإرادة وغيرها.
5. جد شخصاً يشاركك المهمّة

عندما تشعر بالحزن الشديد، مشاركة شخص آخر تلك المشاعر يخفف من وطأتها عليك. الأمر نفسه بالنسبة لكيفية التخلّص من العادة السيئة. عليك البحث عزيزي عن فرد آخر يشاركك المعاناة نفسها. على سبيل المثال طريقة استبدال التدخين بعادة أفضل، أسهل عليك في حال كنت تنجز هذه المهمّة أنت وصديق آخر يعاني من التدخين، من أن تقوم بذلك بمفردك!
كم من الوقت تحتاج للتخلّص من أية عادة سيئة؟

من المهم أن تعرف أن التخلّص من العادة السيئة، لا يحصل بليلة وضحاها. في حال كنت على عجلة من أمرك وتمكّنت من الإقلاع عن العادة في وقت القصير، قد تعود وتقع ضحيتها أيضاً خلال وقت قصير. لذلك لا تستعجل، اتبع الخطوات التي قدّمناها لك بدقّة ومن دون استهتار.
أما عن المهلة التي تحتاجها لكسر الترابط بينك وبين هذه العادة المزعجة، فالأمر متعلّق بإرادتك والتزامك، كما أنه يرتبط بنوع العادة. نعني بذلك أن التخلّص من مشكلة التأجيل قد يكون أسهل وأسرع من الإقلاع عن التدخين!
أنت تستحق المزيد…

في الختام ولأنّك تستحق المزيد، سنتركك مع فيديو مفصّل من قناة الباحث والمعالج النفسي وعالم الأعصاب Judson Brewer على يوتيوب، يمكنك مشاهدته لتساعد نفسك على التغلّب على العادة السيئة التي تعاني منها. هذا الفيديو يتمحور حول كيفية قرصنة الدماغ لتغيير العادات من خلال نظام المكافآت.